عقل الطفل، 10 أشياء تكشف كيف يفكر طفلك
عقل الطفل هو قدرته الفريدة على التفكير والتعلّم وفهم الأشياء بطريقة مرنة مهما تغيّرت الأحداث والأشياء والأشخاص من حوله. كما أنّ هناك العديد من الوظائف التي يقوم بها العقل بصفة عامة وعقل الطفل بالتبعية.
على سبيل المثال، وظائف كالاستدلال، والذاكرة، والإدراك، وحتّى الخيال. تلك الوظائف تتطوّر بصورة كبيرة وملحوظة وبتسارع كبير جدّاً لدى الأطفال مقارنةّ بالكبار والبالغين. وفي حين أنّ الكثير من الآباء والأمّهات يصبّون أغلب اهتماماتهم في عمليّة التعليم، إلا أنّ ذلك قد لا يغطّي باقي الجوانب والوظائف التي يؤديها عقل الطفل. كما أنّ الطبيعي أن تفكير الطفل لن يشغله فقط التعليم، لكن هناك الكثير من الأمور المتعلّقة بعقلية الطفل قد تزاحم العمليّة التعليميّة ويجب الاهتمام بها.
حيث إنّ الطفل يولد مزودًا بقدرات فطرية مذهلة، لكنه لا يملك أدوات التعبير عنها. هنا يأتي دور البيئة في صقل هذه القدرات وتحويلها إلى أنماط تفكير واضحة.
الفطرة تمنح الطفل البذور، أما التشكيل فيزرعها في تربة الحياة.
لذلك يجب على الأمّهات والآباء – وبشكل خاص
الأمّهات- الاهتمام والتركيز على فهم عقل الطفل بشكل عميق وواضح. وفي هذه المقالة
سوف نستعرض معكم أبرز 10 أشياء تكشف كيف يفكّر طفلك.
أوّلا: الإصغاء العميق يساعد على فهم الطفل
على قدر بساطة تفكير الأطفال، إلا أنّنا لا
يجب أن نُهمل ما يقولون. وللأسف معظم الأمّهات لا يلقون بالاً لأطفالهم حين
يتحدّثون، وربما في بعض الأحيان يكون لهم أعذاراً في ذلك. لكن في الحقيقة، يجب الإصغاء الجيّد للطفل وخاصّة في بعض الأوقات التي يتعرّض فيها الطفل لمعوّقات
ما مهما كانت بالنسبة لكم سطحية وغير ذات قيمة. ومن أجل فهم عقل الطفل من خلال
الإصغاء الجيّد، يجب الانتباه لمجموعة من المؤشرات. تلك المؤشرات هي: نبرة الصوت،
التردّد في نطق جمل أو كلمات بعينها، الصمت ما بين الجمل (وهو عكس الاسترسال الذي
يعني نطق الجمل بلا فواصل أو صمت ما بينها)، النظرات أثناء الحديث، حركات اليد، التنهد
العابر أو المقصود.
ثانياً: الرسم والتلوين مرآة إلى عقل الطفل
بخلاف كون الرسم والتلوين أدوات فعّاله لتنمية المهارات العقليّة والحركيّة لدى الطفل، إلّا أن للرسم والتلوين وظيفة أخرى في غاية الاهميّة. تلك الوظيفة هل القدرة على فهم عقل الطفل من خلال الرسم والتلوين. يمكن للأُمّ الوصول إلى عقلية الطفل عندما تمنحه ورقة وعلبة كبيرة من الألوان لتشاهد أمامها ما لا يمكن أن يبوح به الطفل. حيث إنّ الرسم سيكشف للأم العديد من الأشياء من أجل فهم كيفيّة تفكير الطفل. على سبيل المثال، المشاعر الدفينة، والأفكار غير المكتملة، بالإضافة إلى الرغبات التي لا يستطيع التعبير عنها. ومن خلال الأشكال التي يرسمها الطفل، كذلك ومن خلال الألوان المستخدمة يمكن فهم إشارات عميقة تساعد على اكتشاف عقل وعقليّة الطفل.
ثالثاً: اللعب الحر يكشف منطقة اللاوعي في عقل الطفل
اللعب الحر هو لعب
يختاره الطفل وينظمه بنفسه، دون تدخل البالغين أو الخضوع لقوانين صارمة، وهو يسمح
له باتخاذ القرارات، واختيار المواد والاهتمامات، وتنمية مهارات التفكير النقدي،
والخيال، والإبداع، والتفاعل الاجتماعي، والقدرة على حل المشكلات، والاعتماد على
الذات. بالتالي فإنّ اللعب الحر هو سبيلك لاكتشاف الطريقة الفريدة الخاصّة جداً
التي يفكّر بها طفلك. لذلك فإنّ الخبراء يوصون بإنّ يتاح اللعب الحر للأطفال في
سنّ مبكرة حتى يمكن للآباء فهم عقل الطفل بشكل أكبر.
رابعاً: الأسئلة العشوائيّة، الطريق لمعرفة منطق الطفل
حسناً، لا يجب أن تستهين الأمّ أبداً
بالأسئلة العشوائية التي يطرحها الطفل. ذلك لإنّ تلك الأسئلة -وإن بدت سطحية أو
غير معقولة- سوف تفتح نافذه لمعرفة منطق طفلك. على سبيل المثال، لماذا البحر
أزرق؟، كيف جئت للحياة؟، من أين يأتي الظلّ؟، هل يوجد جنّة ونار؟ مثل هذه الأسئلة
يجب عدم تجاهلها، بل يجب التشجيع عليها عبر الاهتمام بإجابتها والإطراء على الطفل
لإنّه يسألها. ذلك لإن الأسئلة العشوائية تكشف كيفيّة تفكير الطفل ومنطق عقل الطفل
بالإضافة إلى مدى فضوله وحبه للمعرفة.
خامساً: مراقبة لغة الجسد وردود الأفعال
كل تعبير جسدي أو حركة يقوم بها طفلك هي
رسالة من عقل الطفل تحمل الكثير من الدلالات. حيث يمكن من خلال لغة جسد الطفل أن
نعرف كيف يتعامل مع الإحباط؟ ماذا يفعل حين يُرفض
طلبه؟ هل ينسحب أم يواجه؟
سادساً: القصص والحكايات التي يحيكها الطفل
فقط اطلبي من طفلك أن يضع نهاية لقصّةٍ ما
كنتي قد بدأتي تحكيها له. حينئذٍ سوف تتعرفّين من خلال تلك النهاية الكثير عن
القدرات المعرفيّة والبنية النفسية لطفلك. ولسوف يكشف
وقتها عن قيمه، مخاوفه، وتصوراته للعالم.
سابعاً: الاختيارات؟ إنّها فهم أعمق لعقل الطفل
تماماً كالكبار والبالغين، اختيارات الأطفال
قطعاَ سوف تعبّر عن الميول والاهتمامات. بينما بالنسبة للطفل فقد تكون لها وظيفة
إضافيّة هامّه، ألا وهي التعبير عن الرّغبات غير المعلنة. وهنا تأتي أهميّة فهم
اختيارات الأطفال وتحليلها بمعرفة عقلية الطفل وطريقة تفكيره. على سبيل المثال، من
يختار اللعب معه؟ أي لون يفضله؟ أي قصة يطلب سماعها مرارًا؟ تلك الاختيارات ليست
أبداً عشوائيّة، بل إنّها مقصودة ونابعة من عقل الطفل ولها دلالات هامّة.
ثامناً: التعبير غير المباشر
ربما تجدين طفلك يتحدّث عن شخصية أخرى أو شيء
ما مثل القط الشرس، الأرنب الخائف، أو الديناصور الحزين. في هذا الحديث غالبا ما
يكون المقصود هو تعبير الطفل عن نفسه. حيث يستخدم تلك الشخصيات التي يبتكرها من
خياله لعمل إسقاطات داخليّة تعبر عن مشاعره بشكل غير مباشر.
تاسعاً: البيئة المحيطة تساهم في فهم عقل الطفل
عقل الطفل يتفاعل مع البيئة المحيطة
ويتبادلان التأثير فيما بينهما بكل تأكيد. لذلك فإنّ الأسرة، المدرسة، الجيران،
الأصدقاء، وغيرها من العناصر الخارجية التي تحيط بالطفل تشكل خرائط تفكير الطفل.
عاشراً: استيعاب الفرق ما بين الفطرة والتشكيل
لكي تمتلكي القدرة بشكل أكبر على فهم عقل
الطفل، يجب أن يكون هناك تفريقاً واضحاً ما بين فطرة الطفل التي تحمل قدرات خاصّة،
وما بين التشكيل الذي يقوم بدور الموجِّه لتلك القدرات في الطريق الصحيحة. حيث يجب
ان نعتبر أن الفطرة هي البذرة الجيّدة بينما التشكيل فهو زراعة تلك البذور في تربة
الحياة.
خاتمة
في ظل عصر السرعة والتكنولوجيا ونتيجة
للمتغيّرات التي تحدث حولنا من تكنولوجيا وما لها من تأثير على الجميع. تأتي ضرورة
اهتمامنا بتربية الأبناء بشكل أكبر ممّا سبق بكثير. حيث إنّ التربية الآن باتت
أصعب بكثير من ذي قبل. كما يجب علينا أن نضع مفهوم "التربية الحديثة" في
السياق المناسب الذي يبدأ بفهم عقل الطفل وكيفيّة تفكيره ومن ثمّ توجيهه بالشكل
الصحيح ليصبح فرداً إيجابيا في الأسرة والمجتمع. لذلك بات من الأولويات الحديثة في
التربية أن نبحث عن طرق مبتكرة وعلميّة نستطيع من خلالها أن نهتمّ بأطفالنا بأفضل
طريقة ممكنة. وليس هناك اهتمام أكثر فعّالية من أن نفهم بالفعل ماذا يحوي عقل
الطفل وكيف يفكّر.